Featured Video

صفحة جديدة


أناس يعيشون معك على سطح الأرض، يأكلون نفس الطعام ويشربون من نفس المياه، يستظلون  بنفس السماء، ويتشابهون معك في اللغة والجنسية والديانة وربما العادات .
ولكن !
لا ترتاح لهم وهم  بطبيعة الحال لا يرتاحون إليك
تتفاقم بينكم الأحداث والأقاويل والمشكلات وتحتار في الأسباب وكثيرا ما يضنيك البحث ولا تصل إلى جواب يبرر الضغينة والبغضاء التي تؤدي بك إلى الاكتئاب.
وما أن يؤنبك ضميرك وتشجعك أخلاقك على البدء بوقف طوفان الكراهية والتصدي لرياح السموم فتطلب منهم في عتاب رقيق أن تفتح معهم صفحة جديدة...
وتتعجب أنهم لك يستجيبون بل ويدهشك تصريحهم بأن ذلك ما كان من البداية يرجون ويتم توقيع معاهدة سلمية تحت مسمى "صفحة جديدة" تطوي كل صفحات الخلاف والهجر والاختلاف وتكون بينكما بمثابة وثيقة صلح على التفاهم والوضوح والنقاء.
لكن لا أدري لماذا تكون هذه المعاهدة وقتية ولا تحتفظ بنقائها طويلا ولا تلبث أن تعود رويدا رويدا إلى حال سابقتها من الصفحات المطوية وربما تحول بياض لونها إلى سواد الحجر الأسود الذي صبغته أعمال الفاسقين...
وتكتشف في نهاية المطاف وربما تفارق الحياة دون أن تكتشف أنك حتى لو جئتهم بمجلدات بيضاء سوف يحدث لها حتما ما حدث لصفحة المعاهدة الواهية ولو أنهم من البداية صادقون في العهد.. مرحبون بالوئام.. وحريصون على السلام لما احتاج كليكما إلى تلك الصفحة المزعومة التي دائما ما نخطئ ونطلق عليها "صفحة جديدة".    

ولو توقفت قليلا وتأملت هذه الأحوال ستجد أن أغلب الصفحات الجديدة نود أن نفتحها مع الخصوم والحاقدين بل أن معاهدات السلام ذاتها في التاريخ تم توقيعها مع الأعداء والكارهين ، فهل سمعت يوما أن معاهدة سلمية وُقعت بين بلدين شقيقين أو أن صلحا تم بين صديقين أو أن صفحة جديدة فتحت بين حبيبين. إن الشقيق والصديق والحبيب الحق لن يسمح أن تسوء الأمور بينكما إلى الدرجة التي لا يطيقها كليكما فيلجأ إلى محوها وإزالة آثارها ومحاولة نسيانها بل ويزعم طيها والبحث عن صفحة غيرها...
فالصفحات الجديدة لا تستوعب أفكار اللئام.. ولا تتحمل أقلام الغدر أو أحبار الخيانة.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More