كان حواري معها بتاريخ 31 يوليو لعام 1995م وقد كان أول حوار صحفي أجريه مع شخصية عامة إذ كنت وقتها لازلت طالبة في الجامعة إلا أنه نشر في إحدى المجلات الفنية حينئذ وأنا لازلت أحتفظ بشريط الكاسيت الذي سجلت عليه هذا الحوار وعندما سمعت خبر وفاتها ما كان مني إلا التوجه إلى مكتبتي والبحث عن هذا الشريط لسماع صوتها وهي تحدثني وتفريغ الحوار من جديد ....
وأتذكر أنني عندما اتصلت بها تليفونيا كان شرطها الأول والأخير الابتعاد تماما عن الأسئلة الفنية التي تختص بحياتها السينمائية فهي كما حدثتني أجابت عليها مرارا وتكرارا فاتفقنا على أن تتخذ الأسئلة المنحى الاجتماعي ومع ذلك فقد نجحت في أن أسرقها من نفسها أثناء الحوار إذ لا يمكن أن يخلو الحديث من الإشارة إلى بصمتها الفنية في السينما المصرية... واليوم لا أستطيع أن أنسى أنها أول فنانة مصرية أتاحت لي فرصة الحوار رغم حداثة سني ورغم عدم سماعها عني من قبل فربما كان هذا آخر حوار صحفي لها في الوقت الذي كان أول تحاور صحفي لي ولا أملك الآن إلا الدعوة لها بالرحمة والمغفرة.
صفاء عبد المرتضى
- بيانات شخصية؟
- اسمي بالكامل: هند حسين رستم، وأؤكد على اسم حسين لأن هناك الكثيرين يعتقدون أنني مسيحية خاصة بعد أدائي في فيلم "الراهبة"، وأنا من مواليد عام 1932م بحي محرم بك في الأسكندرية.
- من هي هند رستم في كلمتين؟
إنسانة طيبة جدا.. عصبية جدا.
- إن لم تكوني ممثلة لوددت أن تكوني......
مهندسة معمارية؛ فلا شك أن هذه المهنة أيضا تحتاج الروح الفنية والموهبة.
- ماذا يلفت نظرك في إنسان ترينه لأول مرة؟
أشياء كثيرة أهمها: أدبه، وبعد ذلك يأتي احترامه لميعاده ثم أناقته وبساطته.
- أيهما أفضل أن تكوني: القائد أم المنقاد؟ ولماذا؟
القائد؛ لأن القائد دائما طموح، وأنا أقصد القائد الذي يتصرف على أسس سليمة بفكره وثقافته فيكون توجيهه سليما، ولا أحب أن أكون في شخصية المنقاد لأنني أشعر أنه ضعيف خاصة عندما يتقبل جميع الأمور بلا نقاش أو تفكير.
- عند التحدث في موضوع ما... هل تفضلين التمهيد له بمقدمة بسيطة أم الدخول مباشرة في الحديث؟
هذا يتوقف على طبيعة الموضوع وطبيعة الشخص الذي أتحدث إليه فعند التحدث إلى مسئول مثلا لا يجب إضاعة الوقت وأفضل الدخول مباشرة فيما أريد قوله، أما لو كان الموضوع اجتماعي أو عائلي فالأفضل التمهيد له ببعض العبارات البسيطة التي قد تخدمه.
- ما موقفك تجاه من يجاملك؟
أشعر أنها شياكة ولباقة منه، لكنني لا أحب المجاملات في كل الأحوال فربما يؤدي ذلك إلى إلحاق الضرر بي. فأنا أحب الإنسان الذي يجاملني ومع ذلك يوضح لي عيوبي ومميزاتي.
- ما رد فعلك عندما تكتشفين أن محدثك يتعمد إغضابك؟
تعالت ضحكاتها فور سماعها للسؤال وأجابتني: مثل هذا الإنسان "يا ويله لو وقع في إيدي" فأنا أستطيع ببرودي وتماسكي أمامه أن أقلب الموقف وأتسبب أنا في إغضابه.
- أكثر الألوان المحببة إليك؟ وإلام ترمز في رأيك؟
الأبيض والأسود؛ لأن هذان اللونان يمثلان الحياة أمامي، وفي رأيي أنهما يدلان على الوضوح والغموض.
- متى تكره هند رستم الراحة؟
عندما أمرض؛ فأنا أشعر أن الله سبحانه وتعالى خلقني للحركة الدائمة، كما أنني أكره الحياة الروتينية الراكدة وأحب التجديد الدائم والمستمر.
- ما الشخصية التي قمت بتمثيلها وتشعرين أنها قريبة من شخصية هند رستم الحقيقية؟
لا توجد أي شخصية قدمتها من خلال أفلامي السينمائية وأرى أنها تجسد شخصيتي الحقيقية.
- شعور انتابك وأنت تجسدين شخصية الراهبة؟
شخصية الراهبة قريبة جدا من قلبي؛ لأن نشأتي في الأصل كانت على أيدي راهبات في مدرستي الفرنساوي "سانت بول" بالأسكندرية ومن خلال اختلاطي بهن وبالكنيسة وبصلاتهن عرفت الكثير عن طبيعة حياتهن وتقاليدهن وتحركاتهن فكنت أشعر وأنا أؤدي الدور أنني راهبة مسيحية وأتذكر في هذه الفترة وأثناء عرض الفيلم أنه اتصل بي عدد كبير جدا من الجمهور يسألونني هل أنت مسيحية؟ وكنت أجيبهم: والله العظيم أنا مسلمة.
وأنا أحترم جميع الأديان وأؤمن بكل الرسل المنزلين والحمد لله.
* مواقف سينمائية صعبة....
- مشهد "القطار والسكين" مع الفنان يوسف شاهين في فيلم"باب الحديد"؟
هذه اللقطة تم تصويرها على جزأين: جزء صورته بنفسي وجزء آخر استعنا فيه بدوبلير رغم أنني كنت أود تصوير المشهد كاملا بنفسي لكن الذي حدث أنني وقعت من القطار أثناء التصوير وتم نقلي إلى المستشفى وقضيت بها حوالي أسبوعين وكان الأطباء يخشون حدوث شيء في العمود الفقري وبعد خروجي من المستشفى عدت لتصوير المشهد لكن كنت أجد صعوبة شديدة في الجلوس على قضبان السكة الحديد وألم في الحركة المقرر تنفيذها. وحتى الآن كلما شاهدت هذا المشهد أتذكر آلامي في هذا الوقت.وأنا عامة لا أحب الاستعانة بدوبلير إلا لأسباب خارجة عن إرادتي.
- فيلم"بين السما والأرض" عندما كان يحملك رجل المطافئ وينزل بك على السلم من أعلى العمارة الشاهقة؟
هذا المشهد تم تصويره في استديو جلال بعد أن قرر المخرج بناء عمارة عالية وصل ارتفاعها إلى حوالي 25 مترا وتم تصوير باقي المشاهد في عمارة حقيقية. وبالنسبة لهذا الارتفاع الشاهق لسلم المطافي كان حقيقيا وأنا كنت خائفة جدا جدا ورجل المطافئ يحملني على كتفه وينزل بي درجات السلم فتخيلت أنه من الممكن أن تتعثر قدماه أثناء نزوله بي فوجدت نفسي أغمض عيني وأضع يدي عليهما وكان ذلك انفعالا طبيعيا لم يوجهني المخرج إليه بل أنه ترك لي حرية التعبير.
- المشهد الأخير عند سقوطك في مياه النيل في فيلم "صراع في النيل"؟
هذا المشهد رفضت تأديته بنفسي واضطررنا إلى الاستعانة بدوبلير لأنني أخاف جدا من السباحة في مياه البحار أو الأنهار العميقة التي تشعرني بالغموض مع العلم أنني أجيد السباحة بمهارة في حمامات السباحة لأنها واضحة أمامي وأعرف مدى عمقها واتساعها من حولي. وأتذكر أن الفتاة التي استعنا بها كدوبلير كانت تحب السينما جدا لدرجة أنها أكدت لنا إجادتها للسباحة وهي في حقيقة الأمر لا تدري عنها شيئا فكانت مشكلة خطيرة أثناء التصوير ولكن تم إنقاذها والحمد لله.
- وأخيرا أود معرفة رأي هند رستم في الحجاب؟
أنا أحب الحجاب جدا وأحب رؤية الفتيات المحجبات خاصة اللاتي يتحجبن في سن صغيرة لأنها "بتقفل بدري" وتستغن عن الماكياج وعن بعض الملابس التي لا يمكن ارتداءها مع الحجاب وأحييهن جميعا.
وختاما لك مني سلام كثير من جمهورك الذين يحبونك ويحبون فنك السينمائي أوصوني بأن أصله إليك عندما أقابلك...
وأن بدوري أحملك أمانة أن تبلغي سلامي وحبي وتقديري لكل من يحبني ويقدر فني.
2 التعليقات:
حوار جميل
الله يرحمها
ربنا يرحمها يا رب...
حوار ممتع فعلاً.
إرسال تعليق