كتبت- صفاء عبد المرتضى
أنعم الله على الإنسان بملكة الإبداع وفضله بها على كثير من خلقه ووهب سبحانه وتعالى لكل منا قدرة أو موهبة معينة في مجالات مختلفة. لكن كيف لنا أن نستفد من هذه النعم؟ وهناك الكثير من أطفالنا وشبابنا لديهم من الطاقات الإبداعية ما يفوق الوصف أو يتخيله العقل!
فهناك من يعزف ألحانا لم نسمعها من أكبر الموسيقيين.. ومن ينظم أشعارا تتواضع أمامها قصائد الكلاسيكيين.. والبعض حباه الله بصوت عذب يفوق ما تعودت عليه آذاننا من المطربين... وهكذا هو الحال في كافة مجالات الرياضة والأدب وشتى ألوان الفنون والعلوم. ومن المؤسف أنه لا أحد يلتفت إليهم؛ فقد أصبحت الوسائل والأجهزة المسئولة عن عرض ونشر هذه المواهب كالإذاعة والتليفزيون والصحف والمجلات والأندية الكبيرة مناطق شبه مُحرمة على أبناء المواطنين العاديين وأصبحت فقط حكرا على أولاد المشتغلين فيها أو العاملين بها!
وأصبح كل فنان في مجاله يريد أن يورث ابنه موهبته وما تمتع به من مكانة وشهرة حتى وإن كانت ميوله لا تتفق مع ما يرنو إليه الوالد. فإذا بالآباء يدفعونهم دفعا ليرثون إمكانياتهم ومكانتهم الاجتماعية والوظيفية حتى وإن كانت قدراتهم لا تقوى على العطاء! وعلى نحو آخر لا يكترث أحد بالموهبة الحقيقية ويبخل أن يفيدها ويستفيد منها. وقد يعيش الفنان والمبدع بيننا يسعى إلى فرصة ويتسول العون من الكبار لمساعدته ولا يفلح وقد ينتهي به الأجل وتدفن موهبته معه دون أن يستفيد بها مجتمعه .
من حق كل والد أن يورث ولده أملاكه وأمواله لكن هل من حقه أن يورث له موهبة لا تمت لقدراته بأي صلة ؟ أتمنى أن يأتي اليوم الذي نعطي لكل ذي حق حقه، وأن نحقق مقولة الشخص المناسب في المكان المناسب.
فكم سمعنا مغنيين تنفر الآذان من سماع أصواتهم.. وكم شاهدنا ممثلين تمقت العيون أدائهم.. وكم قرأنا لأقلام تستهجن الأذهان أفكارهم.. وكم فرضت على وجداننا مواهب مصطنعة ومصنوعة والأمثلة على ذلك كثيرة والجميع أصبح يعيها بل ويقبلها كأمر مسلم به وواقع نعيشه لا مكان فيه إلا للوساطة والمحسوبيات وأغفل هؤلاء حقيقة هامة وهي أنهم ليسوا يحرمون المبدعين ذوي المواهب الأصيلة فقط بل أيضا يظلمون أبناءهم ويبتلون معهم مجتمعاتهم.
0 التعليقات:
إرسال تعليق